لأنهم عند استقبال التوبة ومحو الحوبة يجب ان يغفر لهم، فالمراد إذن أن الله لا يغفر أن يشرك به تفضلا، فإذا كان ذلك هو المراد فيما بني عليه يجب أن يكون مشروطا فيه، فكأنه تعالى قال: يغفر ما دون ذلك لمن يشاء تفضلا، وذلك يوجب أن يكون المراد به الكبائر، لان الصغائر يجب أن تكون مغفورة بالاستحقاق [1] لا بالتفضل.
3 - وربما تعلقوا بذلك من وجه آخر، فقالوا: لا يحسن من الحكيم أن يتمدح بأنه لا يتفضل بأمر، لكنه بفعل الواجب الذي لا بد في الحكمة أن يفعله، فقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) مقرون بأنه يغفر ذلك مع التوبة، فكأنه تعالى قال: إنه لا يغفر ذلك تفضلا لعظمه وإن غفره بالتوبة، فلا يصح أن يعقب ذلك بأن يقول: ويغفر الصغائر باستحقاق، مع أنه يغفر الكبائر باستحقاق أيضا، فحق الكلام أن يكون المراد به: ويغفر ما دون ذلك تفضلا من غير استحقاق.
4 - وربما تعلقوا بذلك من وجه آخر، وهو ان يقولوا:
إنه تعالى قال: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، فأضاف الغفران إليه وأضافه إلى مشيئته، والواجب المستحق لا يصح ذلك فيه، لان الصغيرة مغفورة في نفسها لا تقع إضافة غفرانها إلى أحد، ولا يتعلق بمشيئة أحد.
فهذه الوجوه من أوجه ما يمكن ان يتعلق به في ذلك، ونحن بمشيئة