الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) [1]، وقد علم أن القلب لا يكون إلا في الصدر، وإنما بين تعالى هذا البيان على طريق التوكيد، وذلك كما يقول القائل: رأيته بعيني، وسمعته بأذني، لئلا يتوهم ذلك رؤية القلب وسمع العلم.
وقال بعضهم: معنى ذلك فقد رأيتموه وأنتم بصراء، لان الضرير قد يقول رأيت الشئ بمعنى علمته، فلما كانت الرؤية بمعنى العلم وبمعنى العيان ثم قال تعالى: (فقد رأيتموه وأنتم تنظرون)، على أنها رؤية العيان.
وقال بعضهم: معنى (وأنتم تنظرون) أي: تتأملون الحال في ذلك الامر على حقيقتها، أي هي رؤية تثبت وتأمل، لا رؤية شك وتخييل.
فصل (تمني الموت بالقتل في الجهاد تمن للكفر) فأما الجواب عن السؤال الثالث في هذه المسألة (وهو قول القائل:
كيف تمنى المؤمنون الموت، ومعناه ههنا القتل في الجهاد، وقتل الكفار لهم كفر، فكأنهم تمنوا الكفر)، فهو أن يقال: إن المؤمنين لم يتمنوا ان يقتلهم الكفار، وإنما تمنوا الموت، والموت غير القتل، لان الموت فعل الله تعالى لا يقدر عليه غيره، والقتل فعل القاتل، وهو نقض البنية [2] التي تحتاج الحياة إليها، وقد اجرى الله تعالى