ووجه آخر، وهو أن يكون المراد بذلك ما يرسل به تعالى الملائكة: من عقوبات الأمم وتحمل الوحي إلى الرسل، إذ كانت الملائكة لا يعصون أمره، ولا يخالفون حكمه مباينين بذلك سائر من خلقه، لقوله تعالى فيهم: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) [1]، فأخبر تعالى عن علمه بهم وعن وجوه [2] كل ما يأمرهم بفعله، خلاف غيرهم.
ووجه آخر، وهو أن يكون المراد بذلك أن كل امر من أموره تعالى: من مخبرات الاخبار ووعد الأبرار ووعيد الفساق والكفار، على ما أخبر به تعالى.
ووجه آخر، قيل: (إن معنى ذلك وكان مأمور الله مفعولا اي: الذي يأمره بقوله: (كن) فيكون. ونظير كون الامر ههنا بمعنى المأمور كون العلم في موضع آخر بمعنى المعلوم). وهذا الوجه ضعيف فاسد، وذلك انا لا نقول إن الله تعالى يخاطب ما يريد خلقه بقوله تعالى: (كن)، لأنه في تلك الحال معدوم والمعدوم لا يخاطب، وإنما قال تعالى ذلك على طريق المجاز دالا به على سرعة خلقه للأشياء من غير إبطاء بخلقها ولا استعمال للروية فيها، ومذهب أهل اللسان في مثل ذلك معلوم، وما قيل من الاشعار فيه معروف مشهور، وقد تقدم في كتابنا هذا من ذكر ذلك ما فيه غنى ومقنع.
ومما يبين ما ذكرنا، أن الامر غير المأمور به، (فان امر) [3]