فصل (ثم ازدادوا كفرا) فأما معنى قوله تعالى: (ثم ازدادوا كفرا) فقد ذكرت فيه وجوه:
1 - أحدها: أن هذه الآية نزلت في اليهود [1]، لأنهم كانوا يبشرون بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله بالحلي والأوصاف، والسمات والاخلاق، والورود بعد الفترة، والجهاد والهجرة، فلما ظهر صلى الله عليه وآله مصدقا لتلك البشائر، ومحققا لتلك الشواهد، كذبه أعداء الله حسدا له ونفاسة على العرب بمثله، فأنزل الله تعالى فيهم: (إن الذين كفروا بعد إيمانهم) أي: بمحمد صلى الله عليه وآله (ثم ازدادوا كفرا) أي: بما أنزل عليه من القرآن فكفروا كفرا مجددا (لن تقبل توبتهم) أي: عند موتهم.
وأراد سبحانه ههنا بذكر إيمانهم: تصديقهم بالنبي صلى الله عليه وآله، لان أصل الايمان في اللغة هو: التصديق، إلا أنه من الأسماء المنقولة عن الأصل، لأنه في الشرع اسم من أسماء المدح، وهذا يفيد استحقاق الثواب مع ضرب من التعظيم، ومما يكشف ما ذكرنا من كونه في الأصل اسما للتصديق قوله سبحانه - حاكيا عن بني يعقوب (ع) -: (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) [2] أي: بمصدق لنا ولو صدقنا، لشدة تهمتك لنا.