أن يغفر لهم ممن أتى ما دون الشرك، هم أهل الكبائر الذين ماتوا على جهة الاصرار وذهبوا عن الندم والاقلاع، وأن بالعض الذي يشاء تعالى أن يغفر لهم هم أهل الصغائر ومن مات تائبا من أهل الكبائر.
وروي ان الحسن بن أبي الحسن سأله رجل فقال: ما تقول فيمن قتل مؤمنا متعمدا؟. قال: أقول فيه ما قال الله ثم لا أقول بخلافه حتى ألقى الله: (من قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها .. الآية) [1]. قال السائل: فأين قوله تعالى: (ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)؟ فقال الحسن: أوما بين تعالى مشيئته حيث يقول: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) [2]!
وأقول: إنه من الحكمة العجيبة واللطائف الشريفة إجراء هذه الآية مع الآية التي قبلها في مضمار واحد، وذلك أن الآيتين اللتين إحداهما مبهمة وهي الأولة والأخرى مبينة وهي الثانية، جمعا في هذه السورة، وإنما فعل تعالى ذلك - والله أعلم - لئلا تبعد المسافة بين القول المبهم والقول الموضح، والكلام المجمل والكلام المبين، ولا يخرج التالي من هذه السورة إلا وقد نقعت غلته وأزاحت علته، فكانت هي المبهمة وهي المبينة، وهي المجملة وهي المفصلة، ولم يجعل تعالى هذه الآية التي هي بيان الآية الأخرى في غير هذه السورة، فيتطوح [3] طلب