جناها، فلما كان حمله على الايمان من قتل غير مستحق بل بفعل على وجه العدوان والظلم يسقط فائدة تخصيص الحرم - لان الحرم وغيره في ذلك سواء، إذ كانت الأماكن والبقاع كلها لا تختلف في ذلك احكامها ونحن متعبدون بالمنع من إيقاع الظلم في جميعها، من قبلنا وقبل غيرنا، إذا كان ذلك ممكنا لنا - علمنا أن المراد بذلك الامر بايمانه من قتل مستحق والظاهر يقتضي أن نؤمنه من القتل المستحق بجنايته في الحرم وفي غيره، إلا أن الدلالة قد قامت باتفاق العلماء على أنه إذا قتل في الحرم قتل، وقال تعالى: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فان قاتلوكم فاقتلوهم)، ففرق تعالى بين الجاني في الحرم، وبين الجاني في غيره إذا لجأ إليه واعتصم به.
فصل (حكم الجاني خارج الحرم) وقد اختلف الفقهاء فيمن جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه، فقال أهل العراق - أبو حنيفة وأصحابه أبو يوسف ومحمد بن الحسن وزفر والحسن ابن زياد اللؤلؤي -: إذا قتل في غير الحرم ثم دخل الحرم لم يقتص منه ما دام فيه، ولكنه لا يبايع ولا يشارى ولا يطعم ولا يسقى، إلى أن يخرج من هناك فيقتص منه، وإن قتل في الحرم قتل فيه، وإن جنى فيما دون