فصل (لو تسوى بهم الأرض) يذكر فيه اختلاف العلماء في معنى قوله تعالى: (لو تسوى بهم الأرض) واختلاف القراء في قراءة هذا الحرف.
فنقول: إن العلماء مختلفون في معنى ذلك، فقال بعضهم: إنما تمنوا البقاء على ما كانوا عليه في قبورهم وانهم لم يبعثوا بعد موتهم، وإذا كانوا كذلك فالأرض مستوية بهم، لأنهم إذا أخرجوا منها اختلفت أوصاف الأرض، فكانت مواضع القبور منبوثة [1]، وباقي الأرض مستو على الحال المعهودة، فتمنيهم لان تسوى بهم الأرض هو التمني لبقائهم فيها على حالهم.
وقال بعضهم: تمنوا أن يكونوا ترابا، فيختلطوا بتراب الأرض، حتى لا يفرق بين الترابين، فيكونا مستويين، اي متساويين، والشاهد على ذلك قوله تعالى: (ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) (2) اي: مختلطا بأجزاء الأرض لم ابعث ولم أعد. وقيل:
إن الكفار إنما يتمنون أن يكونوا ترابا عند مشاهدتهم ما يفعله الله في البهائم: من تصيرها ترابا بعد إعادتها وتوفر الأعواض عليها، فيتمنون حينئذ أن يكونوا منها، ليستريحوا من العذاب ويخلصوا من العقاب.
وقال بعضهم: إنما تمنوا ابتلاع الأرض لهم واخذها إياهم،