فصل (من هو المراد بخطاب كنتم؟) وقد اختلف العلماء فيمن أريد بهذه الآية، فروي عن ابن عباس رضي الله عنه: أنه قال: قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس...
الآية) نزلت فيمن خرج مع النبي صلى الله عليه وآله من مكة، وهاجر بعد هجرته إلى المدينة. وحكى: أن بعض الصحابة كان يقول: لو شاء الله لقال: أنتم، فكنا كلنا كذلك، ولكن خرج ذلك في خاصته من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وروي عن مجاهد: أنه قال: المعنى أنكم كنتم خير أمة، على شريطة أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتؤمنوا بالله، فأنتم كذلك ما التزمتم هذه الشرائط.
وروي عن الحسن: (أن ذلك إشارة إلى الصحابة، دون من بعدهم: ممن تغيرت أحواله، واختلفت أوصافه). وفي الناس من حمل ذلك على أمة محمد صلى الله عليه وآله عامة، ولم يخص كونهم على هذه الصفة في حال دون حال، وقدر قوله تعالى: (كنتم) تقدير قوله:
(أنتم)، كما ذكرنا فيما مضى.
ثم اختلفوا، فمنهم من قال: (كنتم خير أمة، أي: بالإضافة إلى سائر الأمم، لان جماعة هذه الأمة خير من جماعة كل أمة). ومنهم من قال: (المراد بذلك أنهم أكثر الأمم خيارا، وأقومها بالعدل،