فصل (انه كان فاحشة) فأما معنى قوله: (انه كان فاحشة ومقتا) فقد اختلفت العلماء في موضع كان ههنا، فقال محمد بن يزيد المبرد: يجوز أن تكون زائدة، ويكون المعنى انه فاحشة ومقت، وأنشد في ذلك قول الشاعر:
فكيف إذا حللت بدار قوم * وجيران لنا كانوا كرام وخطأه الزجاج في ذلك وقال: لو كانت كان زائدة في الآية لم ينصب خبرها، والدليل على ذلك هذا البيت الذي انشده فان (كان) لما كانت زائدة فيه لم تعمل فقال: (وجيران لنا كانوا كرام) ولم يقل كراما.
وقال بعضهم: يجوز أن تكون كان ههنا كقوله تعالى: (وكان الله غفورا رحيما)، وكان الله عليما حكيما)، وما أشبه ذلك، فدخلت كان لتدل على أن هذا الامر من قبل هذه الحال كان كذا ولم يحدث الآن، فلو قال قائل: الله غفور رحيم، والله عليم حكيم، لم يدل على كونه تعالى على هذه الصفة فيما مضى من الزمان، فلما قال: وكان الله غفورا رحيما، وعليما حكيما، وما أشبه ذلك، دل على أنه تعالى لم يزل كذلك.
وفيه قول آخر، وهو من الغريب المستحسن، قيل: إنما يجيئ قوله تعالى: وكان الله عليما حكيما وسميعا عليما وما أشبه هذه الصفات، بعد اخبار أو فرائض أو ما يجري هذا المجرى، فالمعنى: وكان الله عليما حكيما