فأراد كذب العير أمله، لان العير لا يجوز أن ينسب إليه الكذب الحقيقي الذي هو ضد الصدق، المعنى أنه آمل أن ينجو من اقتناصي، فكذبه أمله، لأنه ظن أنه إذا مر بارحا [1] - وهو ان يأخذ من جهة الشمال إلى جهة اليمين - لم يتمكن الفارس من طعنه، فلما قلب الرمح فطعنه جاز أن يقول: كذبه أمله فيما ظنه من النجاة.
قال صاحب هذا القول: (فان قيل كيف أكذبهم [2] الله في قولهم: (والله ربنا ما كنا مشركين)، وقد حلفوا على حق عندهم!.
قيل له: ليس قوله تعالى: (كذبوا) ههنا من الكذب الذي هو ضد الصدق، وإنما هو من الايجاب والالزام، فكأن معناه: انظر كيف ألزموا أنفسهم الكفر وأوجبوا عليها الشرك. وعلى هذا قول بعض العرب: (كذب عليك الحج) [3] يريد إلزم الحج. وكما شكى رجل إلى بعض الصحابة ألم رجله [4] فقال: (كذب عليك العسل)