تعالى رادا عليهم: (بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) [1] وقولهم: (والله ربنا ما كنا مشركين)، فقال تعالى مكذبا لأقوالهم:
(انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون)، وموطن يعترفون فيه بالخطايا ويسألون الرجعة إلى دار الدنيا فيقولون:
(يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) [2] وقيل: إن آخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم وتشهد عليهم جلودهم وأعظاؤهم. نعوذ بالله من هول ذلك المقام وخزي ذلك الكلام!
ومعنى هذا القول مروي عن الحسن البصري.
3 - ووجه آخر. قيل: إن المراد بذلك انهم لا يكتمون أسرارهم في الآخرة، كما كانوا يكتمونها في الدنيا، لأنهم مضطرون إلى الصدق وقول الحق.
4 - ووجه آخر، قيل: إن قوله: ولا يكتمون الله حديثا) داخل في باب التمني، بعد ما نطقت جوارحهم بفضائحهم، وشهدت عليهم بجرائمهم. وهذا الوجه محكي عن ابن عباس رحمه الله.
وتلخيص ذلك: أنهم ودوا لو أن الأرض استوت عليهم وكانوا كما كانوا أمواتا تحتها وانهم لم يكتموا الله ما كذبتهم به شهادات جوارحهم وإقرار جلودهم وأعضائهم، وذلك كقول القائل: ليتني أجد أموالا أمنحها الطالبين وثيابا أكسوها العارين، فيكون الثاني داخلا في معنى الأول، كما يقول الرجل لغيره: وددت أنك تركتني ولم تذهب