فبدت حمرته).
وفي هذا الوجه المذكور ضعف وتخليط، وغيره أقوى منه وأجدر بالاعتماد عليه، وذلك أن القول الذي تقوله الكفار يوم القيامة مثل (والله ربنا ما كنا مشركين) و (ربنا أرنا الذين أضلانا) وما يجري هذا المجرى، لو كانوا يقولونه على سبيل التخليط والتضور وطلب التخفيف من الألم، لما كان سبحانه يحكيه عنهم ويورد في عقبه أجوبة لهم، فيقول: (اخسئوا فيها ولا تكلمون) [1] ويقول - تعالى بعقب [2] قوله: (وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) -: (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر.. الآية) (3)، وما يجري هذا المجرى. ولو كان هذا الكلام لا يخرج منهم إلا على الوجه الذي حكاه صاحب هذا القول من طلبهم به تخفيف ألمهم وتسهيل عذابهم لما حكى عنهم ولا اعتد (به منهم) (4)، ولما كان بعده جواب لهم.
وأيضا فقول هذا القائل: إن قوله تعالى: (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) ليس المراد به الكذب المعروف، وإنما معناه انهم ألزموا أنفسهم الكفر وأوجبوا عليها الزجر، واستشهاده بما استشهد به من الشعر على صحة ذلك - غير سديد ولا مستقيم، لأنه عدول عن الأعرف