وما شاكل ذلك، إنما هو من جنس الضجيج والاضطراب والتغوث والاسترواح وطلب تخفيف العذاب، على ما اعتادوه في دار الدنيا، فلم ينفعهم ذلك بل عاد بخلاف ما أملوه وضد ما حاولوه، فقال تعالى:
(انظر كيف كذبوا على أنفسهم) يريد كذبوا فيما أملوه من سهولة العذاب عليهم وتخفيفه عنهم، وهذا معروف في كلامهم أن يقولوا:
كذب فلانا أمله [1]، إذا امل أمرا فلم يعط ما أمله، وعليه قول الشاعر [2]:
- كذبتم وبيت الله لا تأخذونها * مراغمة ما دام للسيف قائم - قال: والمعنى كذبتم آمالكم [3] في ذلك، ولم يرد الشاعر انهم قالوا قولا فكذبوا فيه. (قلت) ولا يمتنع أن يكونوا قالوا: سنأخذها مراغمة، فرد الشاعر عليهم قولهم، فقال: كذبتهم فيما قلتموه من أخذها قسرا وحيازتها قهرا. وقال أبو دؤاد الأيادي في طرده عيرا لصيده ويعني فرسه والعير:
قلت لما فصلا من قنة * كذب العير وإن كان برح [4]