حقائق التأويل - الشريف الرضي - الصفحة ٣٣٨
الحال كذلك لعقب سبحانه بالتعيير وأفصح بالنكير.
فالجواب: أن في ذلك أقوالا للعلماء.
1 - منها، أن هذه الآية نزلت بسبب، وذلك أن جماعة من الصحابة اجتمعوا على مأدبة، فأكلوا وشربوا الخمر - وهي إذ ذاك غير محرمة - وحضر وقت الصلاة، فقدموا رجلا منهم ليؤم بهم، فقرأ (يا أيها الكافرون.. أعبد ما تعبدون..) باسقاط أحرف الجحد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فساءه وبلغ منه، ولم يبعد أن نزل الوحي بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
2 - وقال بعضهم: المراد بذلك لا تقربوا موضع الصلاة وأنتم بهذه الصفة، وموضع الصلاة المسجد، فحذف الموضع وأقام الصلاة مقامه، ومثل ذلك كثير في التنزيل وكلام العرب. وله أيضا وجه آخر، وهو أن الشئ قد يسمى باسم الشئ إذا كثرت مصاحبته له، فيكون تسمية المسجد صلاة، على هذا المعنى، لكثرة وقوع الصلاة فيه ألا ترى إلى قوله تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا..) [1]، وعامة المفسرين ان الصلاة ههنا يعني بها مصليات اليهود، وسميت بذلك لكثرة صلاتهم فيها على الوجه الذي ذكرناه.

(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست