النساء الا ما قد سلف) لو كان استثناء غير منقطع، لكان آخر الكلام مستثنى من أوله، وكان قد أطلق لهم ما سلف منه، لأنه تعالى إذا حظر شيئا ثم استثنى منه فالمستثنى غير محظور، كما انا إذا قلنا: قام القوم إلا زيدا، كان زيد غير قائم، فلما كان ما سلف من هذا النكاح غير مباح، بل كان محظورا أيضا، علمنا أنه ليس باستثناء من أول الكلام، ولكنه منقطع عنه، فكأنه تعالى قال: لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، ثم قال: لكن ما قد سلف وهو محظور غير مباح، والمعنى:
أنه منهي عنه كله، فما قد سلف محظور عليكم اليوم أن تقيموا عليه، ومحظور عليكم ان تستأنفوا أيضا نكاح شئ منه بعد الحظر له، والنهي عنه.
4 - وقال بعضهم: هو استثناء منقطع، ويحتمل أن يكون معناه إلا ما قد سلف فإنكم لا تؤاخذون به كما تؤاخذون في المستقبل بفعله، ويحتمل أن يكون الا ما قد سلف فدعوه فهو جائز لكم 5 - وقال أبو القاسم البلخي: إنه تعالى نهاهم عن أن ينكحوا نساء آبائهم مستأنفا ولم يحل لهم من ذلك ما كان سالفا، فكأنه تعالى قال: الا ما قد فعلتم فيما مضى من هذا النكاح المذكور، ف (إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا). قال: وذلك كقول القائل: لا تأكل من هذا الطعام إلا ما أكلت.
قال: ويجوز أيضا أن يكون المراد إلا ما سلف من ذلك في الجاهلية فليس بفاحشة، فكأنه تعالى قدم وأخر، والمراد: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء انه كان فاحشة الا ما قد سلف، فإنه ليس