فوجب أن يكون ذلك أيضا في هذه الآية التي نحن في تأويلها مختصا بهذا الوجه، دون وجه الصدقة والقربة، فيصح أن الواو ههنا زائدة. فمن الآيات المشار إليها قوله تعالى في المائدة: (إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم 36) ومنها أيضا قوله سبحانه في الرعد: (للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به... الآية 18).
قيل له: قد ورد في القرآن أيضا ما يدل على نفي القبول منهم لما يبذلونه في وجوه القرب والصدقات: فمن ذلك قوله تعالى في براءة: (قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين 53 وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون 54)، فإذا وجدنا القرآن قد دل في مواضع على نفي القبول منهم لما يبذلونه على وجه القربة، وما يبذلونه على وجه الفدية والقربة، لم يكن مخالفنا أولى بحمل ذلك على وجه القربة منا بحمله على وجه الفدية والقربة جميعا، إذ كان فيهما زيادة معنى، وكنا مع هذه الحال نافين عن كلام الله تعالى ما لا يليق به من ايراد الزوائد المستغنى عنها، والتي لا يستعين بمثلها إلا من يضطره ضيق العبارة إليها أو يحمله فضل العي عليها، وذلك مزاح عن كلام الله سبحانه، فكلما حملت حروفه على زيادات