فاستجيب له، فاتخذ ذلك الموضع مسجدا تبركا به وتعظيما له، وبدأ ببنائه فنودي قبل أن يستتمه، فأوصى إلى سليمان (ع) باستتمامه، فعامته من بناء سليمان)، فثبت ان البيت الحرام اقدم وضعا من بيت المقدس، إذ كان باني ذلك إبراهيم وإسماعيل، وباني هذا داود وسليمان، وبين داود وسليمان، وبين جدهما إبراهيم قرون خالية وأمم متناسخة.
4 - وقال بعضهم: معنى (إن أول بيت وضع للناس): أن الله سبحانه تولى وضع أساسه بالملائكة، وسائر البيوت تولى بناءها الناس، واستدل صاحب هذا القول بقوله تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل...) [1]، فجعل هناك قواعد كانت مقررة قبل بناء إبراهيم فرفعها إبراهيم عليه السلام.
5 - وقد يجوز عندي أيضا - والله أعلم - أن يكون المراد بذلك أن أول بيت امر الله تعالى ببنائه البيت الحرام، لما أراد الله سبحانه من تعظيم قدره وإسناء ذكره ونفع الناس به، ومما يقوي ذلك قول إبراهيم وإسماعيل: (ربنا تقبل منا) فدل ذلك على أنهما جعلا بناء البيت جهة من جهات القربة إلى الله سبحانه في اتباع امره والعمل لوجهه، فكان فحوى هذا الكلام يحتمل أن يكونا أمرا بأمر فاتبعاه ونصا [2] إلى مدى فبلغاه، وهذا القول مما خطر لي ولم أجده لمن تقدمني.
وقوله تعالى: (مباركا) ينتصب من وجهين (أحدهما) ب (وضع