للناس)، على الحال من الضمير الذي فيه، وفي هذا الوجه يجوز أن يكون قد تقدمه بيوت غيره، فاختص به هو وتميز، بأنه وضع مباركا. (والوجه الآخر) ينتصب بالظرف من (بكة)، على معنى الذي استقر ببكة مباركا، وفي هذا الوجه لا يجوز أن يكون قد وضع قبله بيت غيره، كما جاز في الوجه الأول لان الوضع ههنا لا تعلق له بالحال التي هي قوله: (مباركا)، فكأنه أول بيت وضع للناس على الاطلاق، فلا حال تميزه من غيره.
ومعنى قوله تعالى: (مباركا) أي: ثابت النفع للناس، لان أصل البركة مأخوذ من الاستقرار والثبوت، وهو قولهم: برك بركا وبروكا، إذا ثبت على حاله، والبركة: ثبوت الخير واستقراره وزيادته ونماؤه، ومنه قولهم: (تبارك الله) أي: ثبت ولم يزل ولا يزال، ومنه قيل للصدر: البرك، لثبوت المحفوظات فيه، ومنه (بركاء الحرب) [1] اي: الثبوت فيها أو ثبوتها واستقرار شدتها.
وقد يمكن - على ما قدمناه - أن يكون معنى كونه مباركا ثبوت العبادة فيه ولزومها واستمرارها واتصالها، على ما يحكى من أن الطواف به لا يكاد ينقطع ليلا ولا نهارا، أو التوجه إليه في الصلاة متصل على وجه الدهر لا انقطاع له ولا زوال.
6 - وقال قاضي القضاة أبو الحسن: اختلف الناس في المراد