فإذا ثبت ما قلنا رجعنا إلى ذكر قول العلماء المحققين في معنى هذه الواو، إذ كانت عندهم واردة لفائدة لو لاها لم تعلم، فنقول:
إن معنى ذلك عندهم (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) على وجه الصدقة والقربة ما كانوا مقيمين على كفرهم، ثم قال تعالى: (ولو افتدى بهذا المقدار أيضا - على عظم قدره - من العذاب المعد له ما قبل منه)، فكأنه تعالى لما قال: (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) عم وجوه القبول بالنفي ثم فصل سبحانه لزيادة البيان [1]، ولو لم ترد هذه الواو لم يكن النفي عاما لوجوه القبول، وكان القبول كأنه مخصوص بوجه الفدية، دون غيرها من وجوه القربة، فدخلت هذه الواو للفائدة التي ذكرناها من التفصيل [2] بعد الجملة.
فأما من استشهد على زيادة الواو ههنا بقوله تعالى في الانعام:
(وليكون من الموقنين 75)، وقدر ان الواو هناك زائدة، فليس الامر على ما قدره، لان الواو هناك عاطفة على محذوف في التقدير، فكأنه تعالى قال: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض) لضروب من العبر (وليكون من الموقنين).
فان قال قائل: قد وردت في القرآن آيات تدل على أن نفي القبول منهم لما لو قدروا عليه لبذلوه إنما هو في الافتداء من العذاب لا غير،