منهم والاجماع المنعقد بينهم، وكأنه تعالى قال: (حتى إذا ذهبوا به واجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب) جعلوه هناك (وأوحيناه إليه)، فالموضعان متفقان في المعنى.
والموضع الآخر قوله تعالى في الصافات: (فلما أسلما وتله للجبين 103 وناديناه أن يا إبراهيم 104 قد صدقت الرؤيا... - 105)، فلم يكن بعد قوله تعالى: (فلما) ما يجوز أن يكون خبرا لها، فالمواضع الثلاثة إذن متساوية.
فأما استشهادهم [1] ببيت الهذلي [2]، وهو آخر القصيدة ولم يرد بعده ما يجوز أن يكون خبرا له وذلك قوله:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة * شلا كما تطرد الجمالة الشردا (وقتائدة: اسم موضع [3]. والجمالة: أصحاب الجمال كما يقال: الحمارة والبغالة لأصحاب الحمير والبغال. والشل: الطرد.
والشرد: الإبل الشاردة)، فليس الامر أيضا على ما قدروه في هذا البيت، وذلك أن معناه عند المحققين كمعنى الآيتين المذكورتين سواء، لان الشاعر لما جاء بالمصدر الذي هو قوله: (شلا) كان فيه دلالة على الفعل، وكأنه قال: حتى إذا أسلكوهم في هذا الموضع شلوهم شلا، فاكتفى بذكر المصدر عن ذكر الفعل، لان فيه دلالة عليه.