ومنها ذهاب حصى الجمار وعدمه وخلو مواضعه منه، على كثرة الرامين به واجتماعه في مواضعه، ولولا أنه سبحانه جعل تقليل كثيره وإعدام موجوده من بعض آيات تلك البقعة، لساوى الجبال أظلالا، وجعل (البطحاء) جبالا، لا سيما وليس موضع الجمرتين الأولتين خاصة موضع مسيل ماء ولا طريق سيل، فيظن الظان أن السيول تذهب بحصاهما [1]، وتفرق ما يجتمع فيهما.
ومنها امتناع الطير من العلو على البيت الحرام، حتى لا يطير طائر إلا حوله من غير أن يعلو فوقه. ثم استشفاء المريض من الطيب [2] به على ما تناصر الخبر بذكره [3] فأما الذي شاهدته أنا عند مقامي بمكة في السنة التي حججت فيها، فامتناع الطير من التحليق فوق البيت، حتى لقد كنت أرى الطائر يدنو من المطرح السحيق والمنزع البعيد، في أحد طيرانه وأسرع خفقان جناحه، حتى أقول: قد قطع البيت عاليا عليه وجائزا به، فما هو إلا أن يقرب منه حتى ينكسر [4] منحرفا ويرجع متيامنا أو متياسرا، فيمر عن شمال البيت أو يمينه، كأن لافتا يلفته أو عاكسا يعكسه، وهذا من اطرف ما شاهدته وجربته.
فأما اختلاط الطير بالناس هناك، حتى لا تنفر من ظلالهم، ولا تتباعد عن همس أقدامهم، فهو شئ بين واضح، ولعهدي بجماعات من