وقد قال غير الكسائي في ذلك قولا هو أقرب من قوله، وإن كان بعيدا أيضا، قال: (معنى النبيين ههنا معنى أممهم، فصار ذكر النبيين كالقبيلة لهم، كما يقال: قيس، وتميم، وعقيل ونمير، وهي أسماء رجال بأعيانهم نسب إليهم أولادهم، فصاروا قبائل، ومنه قوله تعالى:
(على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم..) [1]، وإنما قال: وملئهم، بالجمع، لأنه جعل فرعون كالقبيلة لأصحابه وأهل دينه، ومنه قول الشاعر [2]:
أتسألني السوية وسط زيد * ألا إن السوية أن تضاموا!
فزيد هنا اسم قبيلة، فلذلك قال: وسط زيد).
وهذا الوجه أيضا غير مستقيم لما ذكرته أولا. فاما قول هذا القائل:
انه تعالى جعل فرعون كالقبيلة لأصحابه ولذلك قال: وملئهم، فذلك خطأ لأنه لو كان الامر ما قاله لكان وجه الكلام أن يقول: (على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنوهم) إذا كان فرعون عنده في تأويل الجمع بمنزلة اسم أبي القبيلة، كما يقول القائل: جاورت تميما فاستاقت سرحي وسلبت مالي، فيؤنث، لأنه يريد القبيلة، أو يقول: استاقوا سرحي وسلبوا مالي، إذا أراد أعداد القبيلة ورجالها، فأما أن يقول: