(لا إكراه في الدين) [1]؟
فالجواب: ان في ذلك وجوها:
1 - (أحدها) [2]، أن يقال: معنى (وله أسلم من في السماوات والأرض) أي: ألقوا إليه السلم بما يظهر من حاجتهم إلى ارفاقه وفقرهم إلى أرزاقه، ونقائصهم التي لا تتم إلا بحسن تدبيره لهم، ونعمه السابغة عليهم، فقد دانوا له طوعا وكرها، وولهوا إليه [3] فقرا وضعفا، فالذين أسلموا له طوعا الملائكة والنبيون، وبعدهم المؤمنون والصديقون، والذين أسلموا كرها إبليس وأشياعه من الجن والإنس، ويصدق ذلك قول إبليس: (رب فأنظرني إلى يوم يبعثون) [4] فدل استنظاره له تعالى على اقراره بأنه مملوك مدبر، ومصرف مسخر، وأنه لا يعتصم من الله بمذهب، ولا ينجو بمهرب، ولا يبقى إلا أن يبقيه، ولا يأمن إلا أن يؤمنه، فبهذا الوجه عد من المستسلمين له تعالى، وإن كان شاذا عن طاعته شاردا، وصادا عن أمره صادفا.
وقد جاء الاسلام بمعنى الاستسلام والخضوع في كلامهم كثيرا، فمن ذلك في التنزيل قوله تعالى: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا...) [5]، أي: استسلمنا، وقوله تعالى: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين. فما وجدنا