كلا، فان ذلك الامر من حيث عاد على ما يرعاه من إبل أو شاء بالمصلحة في الأبدان والريف في الأعطان، كأنه امر لكافة ذلك الجنس، إذا كان متبعا عقب راعيه، وموجفا خلفه، إلى طرق مصالحه ومناجيه [1]، وكذلك الولاة ورعاياها يجري امرها على هذا السبيل، وتدخل من وراها من الرعية معها في مثل هذه الأمور.
ولان الأنبياء (ع) من حيث كانوا أسبابا لايمان أممهم الذين استحقوا معه أن يخاطبوا بالشرائع، ويدلوا على المصالح، كان الأمم كالمضافين إليهم والملصقين بهم، فكان خطاب الأنبياء بما يجوز دخول أممهم معهم فيه خطابا للأمم معهم، ألا ترى أن الفروض التي تلزم نبينا صلى الله عليه وآله تلزمنا، والواجبات التي تجب عليه في الأكثر تجب علينا!. ومن هناك جاء قوله تعالى:
(يا أيها النبي إذا طلقتم النساء...) [2]، فجمع سبحانه النبي صلى الله عليه وآله ومن تبعه في الخطاب الواحد، وقد ذكرنا جملة من هذا المعنى في ما تقدم عند حال اقتضته، فكفانا ذلك أن نتكلف اعادته.
ووجه آ خر ذكره الكسائي، قال: (معنى قوله: (وإذ اخذ الله ميثاق النبيين يريد: ميثاق القوم الذين منهم النبيون، يعني: بني إسرائيل، لان الأنبياء كثروا فيهم، فسمي اتباع النبيين بأسمائهم لكثرتهم فيهم). وفي هذا القول ضعف واضطراب للالباس الذي فيه، وكأن قائله ذهب في ذلك إلى أحد الوجهين اللذين ينشد عليهما قول الشاعر [3]: