حقائق التأويل - الشريف الرضي - الصفحة ١٤٢
(قدني من نصر الخبيبين قدي) فان العلماء ينشدون ذلك على وجهين، ولهما معنيان، فمن أنشد الخبيبين بالتثنية فإنما يعني به: عبد الله بن الزبير واخاه مصعبا. إذ كانت احدى كنيتي عبد الله أبا خبيب، باسم ابن له سمي خبيبا، وأخرج الشاعر ذلك مخرج قولهم: العمران والزهدمان (1) والقمران، وما في معنى ذلك، لتغليب الأشهر منهما، ولم يقل الشاعر أبوي خبيب، تخفيفا واكتفى بالاسم من الكنية، ومماثلة لما ورد من نظائر ذلك مما ذكرناه من قولهم: القمران والعمران، ولم يرد في هذا الباب إلا تثنية الاسم دون الكنية، فمضى الشاعر على هذه الطريقة وثنى الاسم مكتفيا به من الكنية. فأما من انشد: الخبيبين، على الجمع، فقالوا في ذلك: إنما أراد عبد الله بن الزبير وأهل بيته والمنسوبين إلى (حرمه) (2)، فقال: الخبيبين، لان الأشهر منهم يعرف بهذا الاسم فغلبه على الباقين، وسماهم به دون أسمائهم التي هي في الشهرة دونه، فإلى هذا ذهب الكسائي في تأويله على بعد مأخذه.

(1) الزهدمان: اخوان من عبس هما: زهدم وكردم، وقيل زهدم وقيس غلب اسم الأول على الثاني، قال قيس بن زهير (وأنشده السيد المرتضى في أماليه):
جزاني الزهدمان جزاء سوء * وكنت المرء يجزى بالكرامة وفي بعض نسخ الكتاب: (الزهديان) والظاهر أنه خطأ من النساخ والصحيح الأولى (2) حرم الرجل: ما يحميه ويدافع عنه، وفي النسخ (جرمه) والظاهر أنه خطأ من النساخ، فغيرنا الكلمة إلى أقرب لفظة يصح بها المعنى، ويحتمل أن تكون الكلمة (جذمه) اي: أصله
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست