أمن رسم دار مربع ومصيف * لعينيك من ماء الشؤون وكيف؟
وقال لي شيخنا أبو الفتح عثمان بن جني، عند بلوغي عليه في القراءة من كتاب الايضاح لأبي علي الفارسي، إلى باب المصادر، وقد مضى في أثنائه ذكر هذا البيت - فقال: كأن الشاعر قال: أمن أن رسم دارا مربع ومصيف بكيت لها؟، فالمربع والمصيف فاعلان في المعنى.
وقال بعضهم [1]: قد يجوز أن يكون في قوله تعالى: (ميثاق النبيين) مضاف محذوف، كأنه تعالى قال: ميثاق اتباع النبيين أو أمم النبيين فحذف اتباع وأقام النبيين مقامهم، كما قال تعالى: (وأشربوا في قلوبهم العجل) [2]، أي: حب العجل. قال: ومما يشهد بذلك أنها في قراءة ابن مسعود: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب)، ومما يقوي أن قوله سبحانه: (ميثاق النبيين) يريد به: ميثاق أمم النبيين من أهل الكتاب في المعنى - كما ذكر من ذهب إلى هذا الوجه دون الوجه الأول - أن الميثاق إذا أخذ على النبيين فقد أخذ على قومهم، وعامة ما يشرع للأنبياء فقد شرع لأممهم وأتباعهم، لأنهم كالأزمة التي يقاد بها والرؤوس التي يتبعها ما وراءها، فإذا خوطبوا بأمر سرى الخطاب إلى من دونهم من اتباعهم، وتعداهم إلى المنجذبين بقيادهم، وكانوا كالرعاة التي إذا أمرت بمراشدها [3] في اعتماد ماء أو ارتياد