فيها غير بيت من المسلمين) [1] قال بعض المفسرين: المراد بذلك غير بيت من المستسلمين خوف الهلاك، وذهب جماعة من أهل التأويل في معنى هذه الآية إلى غير ما ذكره هذا الانسان، وليس هذا موضع إيراد ما قيل في ذلك إذ الغرض غيره.
ويقولون: أسلم فلان نفسه إلى العدو اسلاما سريعا، وقد كان يمكنه أن يدافع ويمانع، أو ينحاز ويبعد ولا يسلم نفسه، وإنما يراد بذلك أنه ذل لهم وخضع وانقاد ولم يمتنع، وقد كان يمكنه الامتناع عليهم والحياص (2) عنهم، ولكنه جبن فأوبقه (3) جبنه وأسلمه حينه، فهذا في مذهب اللغة اسلام باكتساب واختيار، لا بإلجاء واضطرار، إلا أن سببه كان الخوف والفرق. ويقولون أيضا: إن فلانا (جار 4) العسكر، لما أطمع في الرغائب ومني بالفوائد، أسلم العسكر بأسره، وهذا أيضا اسلام باختيار ولكن سببه الرجاء والطمع، فخالف الاسلام الأول في السبب. ويقال (5) أيضا: فلان أسلم نفسه للموت، وأسلمه أهله للحين، إذا ألقى بيده ولم يمكنه المدافعة عن نفسه، ولم يمكن أهله المنافحة عنه ولا المحاجزة دونه، فهذا اسلام بكره واضطرار، لا بمشيئة واختيار [6].