أممهم، ليصدق بعضهم بعضا، ويشهد بعضهم لبعض.
وفائدة ذلك أن يعلمنا سبحانه أن الأنبياء وإن جلت اقدارهم وفانت غاياتهم، خصوا بمزايا شرف الرسالة ومعالي كرم النبوة، فإنهم بشر وعبيد يجب عليهم ما يجب على سائر العباد: من طاعة من يأمرهم الله بطاعته، وشقاق من يؤمهم بمشاقته، وليدل تعالى بذلك على خطأ ما ذهبت النصارى إليه في المسيح (ع): من الذهاب في تعظيمه إلى الحد الذي يكفر قائله ويضل معتقده.
ويجري هذا الكلام مجرى قول الرجل لصاحبه - وقد أراد سفرا -:
أتضمن لي إني ان زودتك وحملتك وأنهضتك وأعنتك، حتى تصل إلى مقصدك، ثم تتم غرضك، ثم جاءك كتابي في كيت وكيت - أن تعمل به وتنفذ الامر الذي حددته فيه؟. ليس يريد الاخبار بأنه لا محالة كاتب إليه، ولكن ليختبر طاعته ويتحقق مسارعته.
وقال بعضهم: على هذا يكون قوله تعالى: (ثم جاءكم رسول) ثم إن جاءكم رسول، وفي هذا دليل على أن قوله سبحانه: (لما آتيتكم) لئن آتيتكم، لان قوله: (ثم جاءكم) منسوق عليه [1] (فتأويلهما جميعا واحد، وهذا قول فيه نظر.
وقال بعضهم: إنما أخذ الله ميثاق النبيين بأن يؤمنوا برسل الله بعدهم، لأنهم إذا آمنوا بهم لزم أممهم الاقتداء بهم في ذلك فسلكوا سبيلهم واتبعوا دليلهم.