بقوله تعالى: (ميثاق النبيين) الميثاق الذي اخذوه على أممهم) فبإضافة الميثاق إليهم يحتمل أن يكون مأخوذا منهم، ويحتمل أن يكون مأخوذا لهم من غيرهم، فلذلك اختلفوا فيه على ما تقدم ذكره:
فقال بعضهم: هو الميثاق الذي أخذه الله تعالى على النبيين، أن يصدقوا بالرسول المبعوث بعدهم، يعني بذلك: نبينا صلى الله عليه وآله، ويصدق بعضهم ببعض. وقال الفريق الآخر: بل المراد بذلك ما أخذه الأنبياء على أممهم الذين عرفوا الكتاب والحكمة، بأن يصدقوا بالرسول الذي يجئ بعدهم آخرا، ويوصوا بنصره من يبقى من أعقابهم متأخرا.
ويجري كون الميثاق مضافا إلى النبيين في أنه يصلح أن يكون مأخوذا منهم وأن يكون مأخوذا لهم من غيرهم، مجرى إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول على حد سواء، لأنه يجوز أن يضاف إلى كل واحد منهما، فتقول: أعجبني ضرب عمرو خالدا، إذا كان عمرو فاعلا، و: أعجبني ضرب عمرو خالد، إذا كان عمرو مفعولا، فمن اضافته إلى الفاعل قوله تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض...) [١]، ومن إضافته إلى المفعول من غير أن يذكر معه الفاعل قوله تعالى: (لا يسأم الانسان من دعاء الخير...) (٢) وقوله عز اسمه: ﴿لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه...﴾ (3)، ومما جاء من اضافته إلى المفعول ومعه الفاعل في الشعر قول الشاعر [4]: