يتم لكم مثل ذلك في قوله تعالى: (ولتنصرنه)؟، وهل يصح نصرهم من لم يروا له شخصا ولم يشهدوا معه حربا؟!.
فجوابنا: أن النصر في اللغة على ضروب قد ذكرنا جملا منها في ما تقدم، فالمراد منها ههنا النصر بمعنى: التصديق والايمان والاقرار والاعتراف، وتقوية الحجة، والتبيين للأمة، وهذه الأمور من أبلغ أسباب النصر، وقد يسمى الانسان مجاهدا، إذا كان ذابا عن دين الله بلسانه، كما يذب المحارب بسنانه، وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا﴾ (1)، قال كثير من المفسرين: إن المراد بهذا الجهاد إقامة الحجة بالقرآن عليهم، حتى يقروا بصحته، ويعترفوا بمعجزه، فكذلك يسمى القائم بحجة غيره، والدال على صدق قوله، والداعي إلى الايمان به: ناصرا، كما سمي فاعل الأمور المقدم ذكرها: مجاهدا، لتفاوت المعنيين.
وقد قال بعض العلماء: قوله تعالى: (ولتنصرنه) يريد به:
بقايا كل أمة وأعقابها، كأنه قيل لموسى (ع) ومن معه من بني إسرائيل:
سيجيئكم رسول مصدق لما معكم من كتابكم، فآمنوا به وانصروه، وإنما المراد بذلك من يكون في زمان محمد صلى الله عليه وآله من اليهود الذين هم أعقاب قوم موسى، ولم يرد به من كان منهم في زمان موسى (ع).
وقال أبو مسلم بن بحر: (معنى قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) أراد به: الميثاق الذي اخذه الأنبياء على أممهم عند