الصحيحين، وفي لفظ لمسلم " من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله " وكانت قريش تحلف بآبائها فقال (لا تحلفوا بآبائكم) وفي سنن النسائي من رواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون " فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل يمين بغير الله عز وجل وما نهى عنه لم يكن شرعيا ولا فرق بين اليمين باسم الله عز وجل أو غيره من الأسماء الحسنى والصفات العليا والكل شرعي ينعقد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف فيقول " لا ومقلب القلوب " وفي حديث صفة الجنة أن جبريل قال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ولما حلف الصحابة بالكعبة قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم " قولوا ورب الكعبة " فكل هذه أيمان شرعية لأن المعنى في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف تعظيم للمحلوف به على وجه لا يليق بغير الله عز وجل فبأي اسم من أسماء الله عز وجل أو صفة من صفاته حلف لم يكن معظما لغير الله تعالى فإذا كانت اليمين الشرعية هي اليمين بالله عز وجل وصفاته كانت الآية محمولة على ذلك فدلت الآية على أن كل يمين بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته يوجب الكفارة عند الحنث لأن اللفظ شرعي فيحمل على المعنى الشرعي وتكون الآية على عمومها في كل الأيمان الشرعية فلا تكون الآية دالة على إيجاب الكفارة في شئ من الأيمان سوى الأيمان الشرعية وهي الأيمان بالله وبأسمائه وصفاته، ولا تدخل اليمين بالطلاق ولا غيرها في ذلك.
ثم إن العلماء رأوا أن بعض الأيمان ملحق باليمين بالله تعالى في إيجاب الكفارة فألحقوه بذلك لوجود المعنى الذي شرعت الكفارة لأجله فيها وعند هذا اختلف نظرهم فمنهم من يلحق أنواع كثيرا ومنهم من يلحق أقل من ذلك على اختلاف نظرهم واجتهادهم ويوجد هذا الاختلاف للصحابة والتابعين ومن بعدهم فنتكلم فيما وعدنا به من تفصيل الأيمان التي جوز فيها العلماء المعتبرون الكفارة ثم نتكلم على الطلاق والعتاق فمنها النذر الذي يسمى نذر اللجاج والغضب والغلق وقد قيل فيه بالوفاء