فتوى ابن الزبير وجابر بن عبد الله بذلك فهؤلاء أربعة من الصحابة وعلمائهم أفتوا بالعتق وقد أخذ بهذا الأثر الإمام أحمد بن حنبل إمام هذا المبتدع في غير بدعته ورد خبر ليلى بنت العجماء، وقال الشيخ موفق الدين المقدسي الحنبلي أن أحمد رضي الله عنه قال في خبر ليلى بنت العجماء أن الصحابة قالوا لها كفري يمينك واعتقي جاريتك وقال هذه زيادة يجب قبولها فاتفق الخبران على لزوم العتق، وقول عائشة: كل يمين ليس فيها طلاق ولا عتاق ففيها كفارة يمين. يدل على أنها لا ترى في العتق كفارة، وقال الشافعي رضي الله عنه لما ذكر الكفارة في نذر اللجاج والغضب إن هذا مذهب عائشة وعدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإن من قال هذا يقوله في كل ما يحنث فيه سوى العتق والطلاق. فالشافعي قد نقل عن عائشة والصحابة القائلين بالكفارة في نذر اللجاج والغضب إنهم لا يقولون بالكفارة في العتق والطلاق ثم إذا قلنا بالقول الشاذ الضعيف في إيجاب الكفارة في العتق فسببه أن العتق قربة فإذا التزمه فقد التزم قربة على تقدير المحلفة كما التزمها بالنذر الذي يخرج مخرج اليمين تجزئة الكفارة لكونه قربة ملتزمة على تقدير الحنث فشبهوه باليمين من هذا الوجه كما قدمنا لكونه التزم قربة لله إن خالف ترك تعظيم حق لله فيها وهذا المعني موجود في التزام العتق فقالوا فيه بالكفارة هذا توجيه المذهب الشاذ، ومن ههنا يخرج الفرق بينه وبين الطلاق فإن الطلاق يعلق ويقع معلقا كما يقع منجزا بالإجماع فإذا علقه على وجه اليمين فهو لفظ تعليق ولفظ التعليق في الطلاق نافذ وما عرض له من معنى اليمين لا يؤثر في إيجاب الكفارة لأن الطلاق ليس قربة حتى يقال التزم قربة إن تركها عند الحنث لم يعظم حق الله فيها كما أنه إذا حلف باسمه فخالف لم يعظم حرمة اسمه فلما تجب الكفارة فيه لأنها شرعت هناك للجبر في حرمة اسم الله وفي القربة إليه وليس كذلك في الطلاق فنفذ تعليقه على وجهه، ومن وجه آخر إنا إذا أوجبنا الكفارة في باب القربة أمكننا أن نوجبها على وجه التخيير فنقول قد لزمك ما التزمت من القربة فإن شئت أن تقوم به
(١٢١)