ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون) وإنما يتم الاستدلال بها إذا تبين دخول يمين الطلاق في عموم قوله (ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) ولم يكن لذلك معارض يمنع دخولها فيه والكلام على هذه الآية يلتفت على الكلام على الآية الأخرى في سورة البقرة قال الله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناص والله سميع عليم لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم) وللمفسرين في معنى قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا) قولان: أحدهما أن المراد لا تجعلوا اليمين بالله تعالى متعرضة بينكم وبين أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس فتحلفوا لا تفعلوا ذلك فتبقى اليمين متعرضة بين الحالف وبين البر والتقوى فنهاهم الله عن اليمين على ذلك ثم شرع لهم الكفارة للتخلص من هذا المنع ليكون طريقا لحالف إلى الرجوع إلى البر والتقوى والإصلاح، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يمين وأتيت الذي هو خير " والقول الثاني: " إن المراد لا تجعلوا اسم الله عرضة لأيمانكم فتبتذلوه بالحلف به في كل شئ وقوله (أن تبروا) معناه إرادة أن تبروا يعني إذا لم تبتذلوا اسم الله في كل يمين قدرتم على البر، ثم شرع لهم الكفارة لتكون جابرة لما يحصل من انتهاك حرمة الاسم المعظم ولا شك أن اليمين بالله تعالى مراده في الآيتين هي اليمين الشرعية وهي التي شرعت الكفارة فيها أصلا فالحالف يعقد اليمين بالله على أن يفعل كذا أو أن لا يفعل كذا فإذا قال: والله لا أفعل أو والله لأفعلن فقد أكد عقده بهذا الاسم المعظم كأنه يقول: إن فعلت كذا فقد خالفت، موجب تعظيم ما عقدت به اليمين من الاسم المعظم ولست معظما له حق تعظيمه، هذا موضوع اليمين فإذا عقدها على الوجه ثم خالف موجبها وحنث فقد لزمه ما ألزم نفسه من انتهاك حرمة الاسم
(١١٤)