بالدخول فيها فقيدوا إطلاق الأمر بالسمع والطاعة بدليل قياسي ومع عدم علمهم بتلك الأدلة لم يعذرهم النبي صلى الله عليه وسلم بل حكم باستمرارهم بالنار لو دخلوها لتقصيرهم في البحث عن الأدلة في محل الإشكال فمن لم يعرف الكتاب والسنة وأقوال الأئمة لم يكن له أن يقف عند دليل يسمعه من غير إمام يرشده وقد نقل عن جماعة من الأئمة أنه ليس في القرآن عموم إلا وقد دخله التخصيص إلا قوله تعالى (والله بكل شئ عليم) وقوله تعالى (كل شئ هالك إلا وجهه) إذا أريد بالوجه الذات والصفات المقدسة حتى قالوا في قوله (خالق كل شئ) ليس محمولا على عمومه بل هو مخصوص فإن الله سبحانه شئ وليس مخلوقا تعالى عن ذلك، وفي هذا ومثله كلام لا يليق بهذا الموضع فعلمنا من ذلك أن قوله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) الآية وقوله (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) لا يعمل بعمومه حتى ننظر فيما يخصصه أو يعارضه من كتاب أو سنة فإذا تحقق المراد منه وأي مخرج خرج نبين ما فيه من الدليل أو عدمه، ولكن هذا المبتدع قصده الترويج على العوام ومن لا يعرف شروط الأدلة وكيفية استخراج الحكم ويهول عليهم بقوله هذا نص القرآن وهذا قول الله فتنخلع أفئدتهم لقوله ولا يعلمون ما وراء ذلك.
الفصل الثالث في الجواب عن استدلاله بالآيتين المذكورتين على وجه التفصيل أما الآية الأولى وهي قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط