فلك وإن شئت أن تخرج منه بكفارة يمين فلك وأما الطلاق فلا يقع مخيرا إن شاء أمضاه بعد وقوعه وإن شاء دفعه بكفارة هذا لا يقوله عاقل ولا من مارس الشريعة ولا من فهم مقاصدها فإن الطلاق حل قيد النكاح فإذا انحل فليت شعري ماذا عقده بعد حله ولا سيما في يمين الثلاث وقد قال الله تعالى (فإن طلقها فلا تحل به من بعد حتى تنكح زوجا غيره) فلو فكر المسكين في منتهى قوله لاستحيا من الله ومن الناس ولكن غطى عليه الهوى ومحبة الرياسة والطاعة وقبول الكلمة اللهم أعذنا من هذه البلوى وقنا شر الهوى وحظوظ النفوس برحمتك.
ثم إنا نقول: قد أجمعت الأمة على أن يمين الطلاق ليست داخلة في أيمان الكفارة فلا معدل عن الاجماع إذ لا يعارض الاجماع بدليل غيره هذا أيضا لم يقله أحد من المسلمين ثم إن هذه الأيمان التي ذكرناها هل تسمى أيمانا؟ فيه خلاف والأصح أنها لا تسمى أيمانا قال ابن عبد البر: وأما الحلف بالطلاق والعتق فليس بيمين عند أهل التحصيل والنظر وإنما هو طلاق بصفة أو عتق بصفة إذا أوقعه موقع وقع على حسب ما يجب في ذلك عند العلماء كل على أصله، وقول المتقدمين الأيمان بالطلاق والعتق إنما هو كلام خرج على الامتناع والمجاز والتقريب وأما الحقيقة فإنما هو طلاق على وصف وعتق على وصف ما، ولا يمين في الحقيقة إلا بالله عز وجل فقد تبين خروج يمين الطلاق من الآية الكريمة.
وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) فإن هذا المبتدع تعلق بها بناء على أن الكفارة وجب في التحريم خاصة وأن الله سبحانه وتعالى جعله يمينا وأجراه مجرى اليمين في الكفارة. ونبه على دخوله في الآية المذكورة قبلها وهذا ليس كذلك فإن هذه الواقعة قد قيل إنها في قصة مارية وقيل في قصة العسل ومن العلماء من لم يذكر فيها يمينا بالله تعالى وجعل الكفارة للتحريم وعلى هذا القول