والحقيقة والمجاز فإذا سمع قوله تعالى (أو مما ملكت أيمانكم) وأخذ بعمومه في الجمع بين الأختين المملوكتين كان مخطئا فإذا سمع معه قوله تعالى (وأن تجمعوا بين الأختين) قال هذا يعم الأختين المملوكتين والمنكوحتين فيتحير بأي العمومين يعمل فإذا سمع قول عثمان رضي الله عنه: أحلتها آية وحرمتها آية والتحريم أولى علم أن العمل على دليل التحريم وله ترجيحات أخر غير هذا يعرفها العلماء فيعلم العامي أنه لا يمكنه الاستقلال بأخذ الحكم من الكتاب وكذلك إذا سمع الأدلة الدالة على تحريم اللواط والتأكيد وسمع قوله تعالى (أو ما ملكت أيمانكم) فقد يخطر له أن هذا يقتضي حل المملوك، وقد خطر ذلك لبعض الجهال فإذا أخذ بهذا العموم ضل، وقد قال بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه إن من تأول هذا التأويل سقط عنه الحد وأخطأ في هذا القول خطأ عظيما، وكذلك إذا سمع أن قائلا قال يحل وطأ الزوجة في الدبر مستندا إلى قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) ظن ذلك صحيحا وأن القرآن دل على حل ذلك وهو مخطئ لأن هذا القول شاذ يقال إنه رواية عن مالك ولم يصح والمالكية ينكرونه وصح عن مالك تحريم ذلك والآية دالة على التحريم بخلاف ما يظن الجهال فإن الحرث لا يكون إلا في موضع البذر، والحديث الصحيح في سبب نزول الآية يوضح المعنى وهو أن اليهود كانوا يقولون أن الرجل إذا أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول فأنزل الله هذه الآية (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) أي كيف شئتم، وفي الحديث الصحيح " في صمام واحد " وفي لفظ " غير أن لا تأتوا في غير المأتي " فإذا لم يجمع الإنسان بين الأدلة وبين الكتاب والسنة ويعرف سبب نزول الآية ومحملها لا ينبغي أن يأخذ بظاهر من فهمه لا يعرف ما وراءه، وإذا سمع العامي الحديث " من شرب الخمر فاجلدوه " إلى أن قال في الرابعة " فإن شربها فاقتلوه " فعمل به وقتل الشارب في الرابعة كان مخطئا لأن الأمة أجمعت على ترك العمل بهذا الحديث وكذلك إذا سمع حديث ابن عباس
(١١٠)