باتوا وبات على الفراش ملفعا فيرون أن محمدا لم يذهب إنما أراد بما أشار إليه مبيت أمير المؤمنين عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وآله، حين أراد الهجرة إلى المدينة، وإن المشركين هموا به وتواعدوا على قصد مبيته والايقاع به، فكره صلى الله عليه وآله أن يخلي فراشه على مراعاة القوم له، فيعلمون بخروجه فيتبعون أثره. فثبت علي عليه السلام في فراشه، فلما راعاه المشركون رأوا فيه شخصا ثانيا، فلم يفطنوا بمسيره عليه السلام.
وصفته ليست بأقل من استسلام إسماعيل عليه السلام لأبيه حين رأى أن يذبحه. وهو أعظم، لأن إسماعيل استسلم إلى أب حدب مشفق مأمون، وما جرت العادة بإتلاف الآباء للأبناء. وأمير المؤمنين استسلم بمبيته على فراش النبي إلى أعداء حنقين مبغضين غير مأمونين، لا سيما وقد فوتهم بمبيته في الفراش غرضهم وحرمهم مقصودهم، وهم على من فعل ذلك أحنق، كل ذلك في طاعة الله ورسوله.
والروعة: الخوف والترقب: الانتظار. ويقول: ومضى خير البرية هاربا من شرها بروعة خائف مترقب.
والتلفع: التلفف. واللفاع: ما تغطيت به من ثوب واستترت به.
(59) حتى إذا طلع الشميط كأنه في الليل صفحة خد أدهم مغرب الشميط: الصبح. وسمي بذلك لاختلاط الضوء بالظلمة، وكذلك الذئب