وأيضا فإنه يمكن أن يفصل بين الوضوء وبين الصوم: بأن الصوم لا يتبعض ولا يكون بعض النهار صوما وبعضه غير صوم وما أفسد شيئا منه أفسد جميعه.
وكذلك القول في الاحرام بالحج والدخول في الصلاة والوضوء يمكن فيه التبعيض وأن يكون بعضه صحيحا وبعضه فاسدا.
فلو قلنا أنه إذا نوى إزالة الحدث وغسل وجهه ثم بدا له فنوى النظافة بما يفعله من غسل يديه أو غسل بدنه تكون هذه النية للنظافة لا لإزالة الحدث ولا تعمل فيه النية الأولى لجاز، ولكنا نقول له أعد غسل يديك ناويا للطهارة وإزالة الحدث ولا نأمره بإعادة تطهير وجهه بل البناء عليه. وهذا لا يمكن مثله في الصوم ولا في الاحرام ولا في الصلاة.
فإن قيل: وأكثر ما يقتضيه ما بينتموه أن يكون الصوم جائزا بقاء حكمه مع نية الفطر في خلال النهار، فمن أين لكم القطع على أن هذه النية غير مفسدة على كل حال؟
قلنا: كلامنا الذي بيناه وأوضحناه يقتضي وجوب بقاء حكم الصوم طول النهار وإن (1) وقعت في ابتدائه، ونية الأكل غير منافية لحكم الصوم وإنما هي منافية لابتداء نية الصوم كما قلنا في عزوب النية والجنون والاغماء، وإذا كان حكم نية الصوم مستمرا والعزم على الأكل لا ينافي هذا الحكم على ما ذكرناه قطعنا على أنه غير مفطر، لأن القطع على المفطر إنما يكون بما هو مناف للصوم من أكل أو شرب أو جماع، والعزيمة خارجة عن ذلك.
وأنت إذا تأملت في كلامنا هذا عرفت فيه حل كل شبهة تضمنتها تلك المسألة التي كنا أمليناها ونصرنا فيها أن العزم مفطر، فلا معنى لإفرادها بالنقض.
وقد مضى في تلك المسألة الفرق بين تلك الصلاة وبين الاحرام والصوم،