من ذلك الوجه - لاقتضى ذلك تعجيزه وإخراجه عن منعه هو عليها لنفسه. وهذا كالعلم بما كان ويكون وسائر ما يجري به مجرى العلم بالغيب، فإنه لا يصح أن فعله بالأدلة العقلية.
ولا يوصف تعالى بالقدرة على أن ينعت لنا دليلا على وجوده عقليا وكونه أو يجعل الأجسام دلالة عليه كما يكون دلالة على الله تعالى. وإن جاز أن يعلمنا ذلك عند الادراك والخبر المتواتر ويضطرنا إلى وجود ذلك ابتداءا.
وكذلك ما تنكرون أن يكون تعذر وقوع العلم لنا من جهة الدليل بالفصل بين الصادق والكاذب لا يوجب تعجيزه تعالى لابصا (كذا) (1) القدرة عنه عما يجوز القدرة عليه.
ويقال لهم: أليس ما جرت العادة به من نحو طلوع الشمس وغروبها ونحو ذلك، لا يصح أن يكون دليلا على نبوة أحد من الأنبياء، ولا يوصف القديم بالقدرة على أن يجعل دليلا على صدق أحد منهم وهو على ما هو عليه الآن.
فإذا قالوا: بلى.
قيل لهم: فما أنكرتم ألا يكون في العقل دليل على الفصل بين الصادق والكاذب، وإن كان ذلك ممكنا من غير جهة الدليل العقلي.
فإن قالوا: إن ما جرت به العادة قد كان ممكنا أن يجعله دليلا بأن لا تجري العادة به، فيكون حدوثه على ما يحدث عليه الآن نقضا لعادة أخرى، فيستدل به على صدق من ظهر عليه.
قيل لهم: أفحين جرت له العادة وذلك هذا المعنى عنه (2)، أوجب ذلك خروج القديم عن صفة قد كان عليها لنفسه أو حدث وصفه بالقدرة على أن يجعله دليلا،