بالمصابيح ليهتدي بها في سواده وإلا فالأوطار فيه غير مبلوغة، وليس هذا في سواد الشباب وبياض الشيب، ومن ذم بياض الشعر لم يذممه لأنه فضل البياض على السواد على كل حال، فينقض عليه ذلك بمصابيح الليل. وإنما ذمه لأن الأوطار التي تنال بالشباب المحمودة كلها تفقد معه، فكان المذموم هو فقد سواد تدرك به الأغراض وتنال معه الأوطار دون ما ليس هذه صفته. وهذا التحقيق مطرح في الشعر، ويكفي الشاعر إذا عيب ببياض شعره وفضل سواده على بياضه أن يعتذر في ذلك بما ذكرناه في البيت.
فأما البيت الرابع فمعناه أيضا كالبديع الغريب، ويشبهه ما مضى من قولي " تضاحك فيها النور وهي قطوب " فإن القطوب كالكلوح.
ولي وهي قطعة مفردة:
تصدين عني للمشيب كأنني * صرفت شبابي أو دعوت مشيبي وكيف سلوي عن حبيب إذا مضى * فلا متعة لي بعده بحبيب كأني ربع بعده غير آهل * وواد جفاه القطر غير خصيب فلا تندبي عندي الشباب فإنما * بكائي عليه وحده ونحيبي ولي وهي قطعة مفردة:
أمن بعد ستين جاوزتها * تعجب أسماء من شيبتي وأعجب من ذاك لوما كبرت * ولم ينزل الشيب في لمتي فإن كنت تأبين شيب العذار * فكم خيب المرء من منبت