نظير قوله رحمه الله " ما كان أضوأ ذلك الليل من شعري " قولي:
صدت وما صدها إلا على ياس * من أن ترى صبغ فوديها على رأسي أحبب إليها بليل لا يضئ لها * إلا إذا لم تسر فيه بمقباس والمعنى في بيتي مشبه للمعنى في بيته رحمه الله، وإن كان بينهما من الفرق ما إذا تؤمل عرف، ولا بد من الإشارة إلى بعض ما افترقا فيه:
قوله رحمه الله " ما كان أضوأ ذلك الليل علي " البيت، إنما يفيد الإخبار عن ضوئه وإن لم يكن مقمرا، ولا يفيد أنه إذا كان مقمرا لا يكون مضيئا، لأنه غير ممتنع أن يكون مضيئا على الحالين. والبيت الذي لي يفيد أنه لا يضئ لهذه المرأة إلا إذا لم يكن فيه مقباس، فأفاد نعي أصابته لها إلا مع الظلام وفقد الأنوار كلها.
وهذا هو المعنى المقصود الذي يخالف العادة ويقتضي العجب.
وأيضا فإن البيت الذي تضمن أنه لا يضئ لهذه الغانية إلا إذا لم يكن فيه مقباس، قد تضمن تحقيقا شديدا، لأن هذه الحال تختص بالغانيات اللواتي يكرهن الشيب وينفرن منه. والبيت الأخير يتضمن الإطلاق للخبر عن إضاءة الليل من غير أقمار، والاطلاق على ظاهره لا يصح، لأن سواد الشعر المشبه بسواد الليل يضئ في أعين كل الناس إذا كان فيه الشيب بلون القمر، وإنما لا يضئ في أعين النساء خاصة لنفورهن من الشيب، فلا بد من أن يريد بقوله " ما كان أضوأ ذلك الليل " عند النساء، وإن حذف لضيق الكلام وضرورة الشعر، فما لا حذف فيه ولفظه مطابق للمعنى المقصود أولى.
وله من جمله قصيدة:
لا تأخذيني بالمشيب فإنه * تفويف ذي الأيام لا تفويفي