وله من قصيدة:
تنفس في رأسي بياض كأنه * صقال ترامى في النصول الذوالق وما جزعي إن حال لون وإنما * أرى الشيب عضبا قاطعا حبل عاتقي فما لي أذم الغادرين وإنما * شبابي أوفى غادر بي وماذق تعيرني شيبي كأني ابتدعته * ومن لي إن يبقى بياض المفارق وإن وراء الشيب ما لا أجوزه * بعائقة تنسى جميع العوائق وليس نهار الشيب عندي بمزمع * رجوعا إلى ليل الشباب الغرانق نظير قوله (ومن لي أن يبقى بياض المقارق) قول البحتري (ومن لي أن أمتع بالمعيب) وأحسن مسلم بن الوليد في قوله:
الشيب كره وكره أن يفارقني * أعجب بشئ على الغضاء مردود يمضي الشباب ويأتي بعده خلف * والشيب يذهب مفقودا بمفقود ومعنى قوله " مفقودا بمفقود " أي إنه يمضي صاحبه معه ويفقد بفقده، وليس كذلك الشباب. ومعنى قوله " وما جزعي إن حال لون " أي ليس في التغير ما أجزع له لكنني أرى الشيب كالسيف الذي يقطع حبل عاتقي. وهذا مع إنه تشبيه للون الشيب بلون السيف، يفيد أن حلول الشيب به في قطع آماله وحسم لذاته وتغيير أحواله يجري مجرى قطع السيف لحبل عاتقه، وقد أحسن كل الاحسان في هذه الأبيات، فما أجود سبكها وأسلم لفظها وأصح معانيها.
وله من جملة قصيدة:
ولى الشباب وهذا الشيب طارده * يفدي الطريدة ذاك الطارد العجل