أحدهما: أنه لا بد عند الشروع في الصلاة من العلم بطهارة الثوب، وهو هاهنا مفقود، بل لا بد من الجزم في نية كل عبادة يفعلها، والصلاة مشروطة بطهارة الثوب، والمصلي هنا لا يعلم في شئ من صلاته طهارة ثوبه، فلا يعلم أن ما يفعل (1) صلاة.
وثانيهما: أن الواجب عليه إنما هي صلاة واحدة، ولا يعلم أيتهما هي الواجبة، فلا يمكنه نية الوجوب في شئ منهما (2).
والجواب عنهما: أنه مأمور بفعلهما، فهما واجبتان عليه، وإنما يجب عليه تحصيل يقين طهارة الثوب مع الامكان، وكل منهما صلاة شرعية له، فإن عليه فعل الصلاة مع ثوبه المشتبه بالنجس لا الطاهر، إذ لا يقدر عليه.
وقد قيل: إن الجزم إنما يجب مع الامكان. ثم ما ذكر منقوض بمن اشتبه عليه القبلة، فإنه يوافقنا على فعل أربع صلوات إلى أربع جهات. وأيضا فكما أن الصلاة مشروطة بطهارة الثوب مشروطة بنفسه، وفقده أقوى من فقد وصفه، فكيف يمكنه الصلاة عاريا ولا يمكنه مع اشتباه ثوبه بالنجس؟!
(و) على المختار (لو تعدد النجس زاد في الصلاة على عدده بواحد) وتندفع المشقة المتوهمة بتأخير الصلاة. وللحنابلة قول بالفرق بين الواحد والمتعدد، فأجاز (3) التحري في الأخير (4).
ولو اشتبه النجس واحدا أو متعددا بما لا يحصر من (5) الطاهرات احتمل العفو للحرج، والعدم أوجه، للفرق بينه وبين المرأة المحرمة المشتبهة بالمحللات (6) والحيوان الموطوء المشتبه بغيره بخفة المشقة هنا، وزوالها غالبا بالتطهير.
ولو لم يعلم عدد النجس صلى فيما يعلم صلاته في طاهر، فإن كثر وشق ففي