والسرائر (1) والمعتبر (2)، بشرط ذكرهما السبب كما في التذكرة (3)، أو العلم بالوفاق، لعموم أدلته وقبولها في أعظم منها. وفي السرائر حصول العلم بها شرعا (4). ولذا لم يناف ما أفتى به هنا اعتراضه في باب لباس المصلي ومكانه، وعبارة النهاية: بأن الأصل الطهارة، فلا يرجع عنها إلا بالعلم دون غلبة الظن (5).
وعبارة الكتاب موجهة للأقوال، رافعة للنزاع، بأن ما يحصل من شهادة عدلين قد يسمى بالظن، وقد يسمى بالعلم. ولكن القاضي نص على عدم قبول شهادتهما (6)، ويعطيه كلام الخلاف (7) وهو أحد وجهي المبسوط (8)، لإفادتها الظن، فلا يعارض العلم بالطهارة.
(فإن عارضهما) في الشهادة (مثلهما) بحيث يوجب تصديق كل من الشهادتين تكذيب الأخرى، كما إذا شهد اثنان بوقوع النجاسة فيه في الساعة الفلانية من يوم كذا وشهد آخران بأنهما كانا مراعيين له في تمام تلك الساعة فلم يقع فيه، أو شهد اثنان بوقوع نجاسة [بعينها في ساعة بعينها] (9) في هذا الإناء والآخران بوقوعها فيها في الآخر لا في الأول (فالوجه إلحاقه بالمشتبه) بالنجس، كما في المعتبر (10) والسرائر (11)، وإن (12) اقتصرا على الإنائين.
أما في مسألة الإنائين فلارتفاع أصل الطهارة بالشهادة على النجاسة مع تعارض البينتين في مفاديهما. فإن كلا منهما يفيد نجاسة إناء وطهارة الآخر، وهو يعطي الاشتباه. ولأنهما جميعا يثبتان نجاسة ما فيهما، فيجب اجتنابهما، وذلك حكم المشتبه، ولا يدفع إحداهما قبول الأخرى، لتقدم الاثبات على النفي.