صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون؟ وما ذا تظنون؟ قالوا:
نقول خيرا، ونظن شرا! أخ كريم، وابن أخ كريم، وقد قدرت، فقال: إني أقول كما قال أخي يوسف: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) ألا أن كل ربا في الجاهلية أو دم أو مأثرة فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة الكعبة وسقاية الحاج. إلا وفى قتيل شبه العمد، قتيل العصا والسوط الدية مغلظة مائة ناقة، منها أربعون في بطونها أولادها. إن الله قد أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها، كلكم لآدم، وآدم من تراب. وأكرمكم عند الله أتقاكم. ألا إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرم الله، لم تحل لأحد كان قبل، ولا تحل لأحد يأتي بعدي، وما أحلت لي إلا ساعة من النهار - قال: يقصدها رسول الله صلى الله عليه وآله بيده هكذا - لا ينفر صيدها، ولا يعضد عضاهها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد، ولا يختلى خلاها. فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله، فإنه لابد منه للقبور والبيوت، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة ثم قال ألا الإذخر، فإنه حلال، ولا وصية لوارث، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، ولا يحل لامرأة أن تعطى من مالها إلا باذن زوجها، والمسلم أخو المسلم، والمسلمون إخوة، يد واحدة على من سواهم، تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ولا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده، ولا يتوارث أهل ملتين مختلفتين، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، والبينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، ولا تسافر امرأة مسيرة ثلاث إلا مع ذي محرم ولا صلاة بعد العصر، ولا بعد الصبح، وأنهاكم عن صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر. ثم قال: ادعوا لي عثمان بن طلحة فجاء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله قال له يوما بمكة قبل الهجرة ومع عثمان المفتاح: لعلك المفتاح بيدي يوما أضعه حيث شئت، فقال عثمان: لقد هلكت قريش إذا وذلت! فقال عليه السلام بل عمرت وعزت، قال عثمان: فلما دعاني يومئذ والمفتاح بيده ذكرت قوله حين قال، فاستقبلته