ثم مرت جهينة في ثمانمائة، فيها أربعة ألوية مع معبد بن خالد، وسويد بن صخر، ورافع بن مكيث، وعبد الله بن بدر، فلما حاذوه كبروا ثلاثا فسأل عنهم، فقيل جهينة. ثم مرت بنو كنانة وبنو ليث وضمرة وسعد بن أبي بكر في مائتين، يحمل لواءهم أبو واقد الليثي، فلما حاذوه كبروا ثلاثا، قال من هؤلاء؟ قال: بنو بكر. قال: نعم أهل شؤم هؤلاء الذين غزانا محمد لأجلهم! أما والله ما شوورت فيهم، ولا علمته، ولقد كنت له كارها حيث بلغني، ولكنه أمر حم (1)، قال العباس، لقد خار الله لك في غزو محمد إياكم، ودخلتم في الاسلام كافة، ثم مرت أشجع - وهم آخر من مر به قبل أن تأتى كتيبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهم ثلاثة يحمل لواءهم معقل بن سنان، ولواء آخر مع نعيم بن مسعود فكبروا - قال: من هؤلاء؟ قال: أشجع، فقال: هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد، قال العباس: نعم، ولكن الله أدخل الاسلام قلوبهم، وذلك من فضل الله. فسكت وقال: أما مر محمد بعد؟ قال: لا ولو رأيت الكتيبة التي هو فيها لرأيت الحديد والخيل والرجال، وما ليس لأحد به طاقة، فلما طلعت كتيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخضراء طلع سواد شديد وغبرة من سنابك الخيل، وجعل الناس يمرون، كل ذلك يقول: أما مر محمد بعد؟ فيقول العباس: لا، حتى مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسير على ناقته القصوى بين أبى بكر وأسيد بن حضير، وهو يحدثهما وقال له العباس: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كتيبته الخضراء، فانظر، قال:
وكان في تلك الكتيبة وجوه المهاجرين و الأنصار وفيها الألوية والرايات، وكلهم منغمسون في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق، ولعمر بن الخطاب فيها زجل (2) وعليه الحديد، وصوته عال وهو يزعها فقال يا أبا الفضل من هذا المتكلم قال هذا