أنه كان يدعى الامر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنفسه على الجملة، إما لنص كما تقوله الشيعة، أو لأمر آخركما يقوله أصحابنا. فأما قوله: " لو وليتها حينئذ لفسد الامر واضطرب الاسلام "، فهذا علم غيب لا يعلمه إلا الله، ولعله لو وليها حينئذ لاستقام الامر وصلح الاسلام وتمهد فإنه، ما وقع الاضطراب عند ولايته بعد عثمان إلا لان أمره هان عندهم بتأخره عن الخلافة، وتقدم غيره عليه، فصغر شأنه في النفوس، وقرر من تقدمه في قلوب الناس أنه لا يصلح لها كل الصلاحية، والناس على ما يحصل في نفوسهم، ولو كان وليها ابتداء وهو على تلك الحالة التي كان عليها أيام حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتلك المنزلة الرفيعة والاختصاص الذي كان له، لكان الامر غير الذي رأيناه عند ولايته بعد عثمان. وأما قوله: " لأنك الشامخ بأنفه، الذاهب بنفسه "، فقد أسرف في وصفه بما وصفه به، ولا شك أن عليا (عليه السلام) كان عنده زهو لكن لا هكذا، وكان (عليه السلام) مع زهوه ألطف الناس خلقا.
* * * ثم نرجع إلى تفسير ألفاظه (عليه السلام)، قوله: وذكرت أنك زائري في جمع من المهاجرين والأنصار، وقد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك " هذا الكلام تكذيب له في قوله: " في جمع من المهاجرين والأنصار "، أي ليس معك مهاجر لان أكثر من معك ممن رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم أبناء الطلقاء ومن أسلم بعد الفتح، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): " لا هجرة بعد الفتح ".
وعبر عن يوم الفتح بعبارة حسنه فيها تقريع لمعاوية وأهله بالكفر، وأنهم ليسوا من ذوي السوابق، فقال: " قد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك يعنى يزيد بن أبي سفيان أسر يوم الفتح في باب الخندمه، وكان خرج في نفر من قريش يحاربون ويمنعون