قال الشافعي وآخر وقتها المختار إلى نصف الليل، هذا هو قوله القديم، وهو مذهب أبي حنيفة، وقال في الجديد: إلى ثلث الليل. ويجب أن يحمل قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في العشاء أنها إلى ثلث الليل على وقت الاختيار، ليكون مطابقا لهذا القول، وبه قال مالك وإحدى الروايتين عن أحمد. ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني.
وقال أبو سعيد الإصطخري: لا يبقى وقت الجواز بعد نصف الليل، بل يصير قضاء.
* * * فقد ذكرنا مذهبي أبي حنيفة والشافعي في الأوقات، وهما الإمامان المعتبران في الفقه، ودخل في ضمن حكاية مذهب الشافعي ما يقوله مالك وأحمد وغيرهما من الفقهاء.
فأما مذهب الإمامية من الشيعة، فنحن نذكره نقلا عن كتاب أبى عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله المعروف بالمقيد " بالرسالة المقنعة " قال: وقت الظهر من بعد زوال الشمس إلى أن يرجع الفئ سبعي الشخص وعلامة الزوال رجوع الفئ بعد انتهائه إلى النقصان، وطريق معرفة ذلك بالأصطرلاب أو ميزان الشمس، وهو معروف عند كثير من الناس، أو بالعمود المنصوب في الدائرة الهندية أيضا، فمن لم يعرف حقيقة العمل بذلك، أو لم يجد آلته فلينصب عودا من خشب أو غيره في أرض مستوية السطح، ويكون أصل العود غليظا ورأسه دقيقا شبه المذرى الذي ينسج به التكك أو المسلة التي تخاط بها الأحمال، فان ظل هذا العود يكون بلا شك في أول النهار أطول من العود، وكلما ارتفعت الشمس نقص من طوله حتى يقف القرص في وسط السماء فيقف الفئ حينئذ، فإذا زال القرص عن الوسط إلى جهة المغرب رجع الفئ إلى الزيادة. فليعتبر من أراد الوقوف على وقت الزوال ذلك بخطط وعلامات يجعلها على رأس ظل العود عند وضعه