له صورة، وهي أن يجرد السيف ويمد العنق، ولم يكن قد وقع ذلك، ولا يمكنكما أن تدعياه، وإن كنتما بايعتماني لا عن رضا ولا مكرهين بل كارهين، وبين المكره والكاره فرق بين، فالأمور الشرعية إنما تبنى على الظاهر، وقد جعلتما لي على أنفسكما السبيل بإظهاركما الطاعة، والدخول فيما دخل فيه الناس، ولا اعتبار بما أسررتما من كراهية ذلك.
على أنه لو كان عندي ما يكرهه المسلمون لكان المهاجرون في كراهية ذلك سواء، فما الذي جعلكما أحق المهاجرين كلهم بالكتمان والتقية!.
ثم قال: وقد كان امتناعكما عن البيعة في مبدأ الامر أجمل من دخولكما فيها ثم نكثها.
قال: وقد زعمتما أن الشبهة التي دخلت عليكما في أمري أنى قتلت عثمان، وقد جعلت الحكم بيني وبينكما من تخلف عنى وعنكما من أهل المدينة، أي الجماعة التي لم تنصر عليا ولا طلحة كمحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، وغيرهم، يعنى أنهم غير متهمين عليه ولا على طلحة والزبير، فإذا حكموا لزم كل امرئ منا بقدر ما تقتضيه الشهادات. ولا شبهة أنهم لو حكموا وشهدوا بصوره الحال لحكموا ببراءة علي عليه السلام من دم عثمان وبأن طلحة كان هو الجملة والتفصيل في أمره وحصره، وقتله، وكان الزبير مساعدا له على ذلك، وإن لم يكن مكاشفا مكاشفة طلحة. ثم نهاهما عن الاصرار على الخطيئة، وقال لهما: إنكما إنما تخافان العار في رجوعكما وانصرا فكما عن الحرب، فإن لم ترجعا اجتمع عليكما العار والنار، أما العار فلأنكما تهزمان وتفران عند اللقاء فتعيران بذلك، وأيضا سيكشف للناس أنكما كنتما على باطل فتعيران بذلك، وأما النار فإليها مصير العصاة إذا ماتوا على غير توبة واحتمال العار، وحده أهون من احتماله واحتمال النار معه.