في كل مكتوم، وإذا تمنى ذلك جعل الفساد سلما إلى الصلاح، ولم يكن الفساد سلما إلى صلاح قط. وقد رسمت لكم في ذلك مثالا، اجعلوا الملك لا ينبغي إلا لأبناء الملوك من بنات عمومتهم، ولا يصلح من أولاد بنات العم إلا كامل غير سخيف العقل، ولا عازب الرأي، ولا ناقص الجوارح، ولا مطعون عليه في الدين، فإنكم إذا فعلتم ذلك قل طلاب الملك، وإذا قل طلابه استراح كل امرئ إلى ما يليه، ونزع إلى حد يليه، وعرف حاله، ورضى معيشته، واستطاب زمانه.
فقد ذكر وصايا قوم من العرب، ووصايا أكثر ملوك الفرس وأعظمهم حكمة لتضم إلى وصايا أمير المؤمنين فيحصل منها وصايا الدين والدنيا، فإن وصايا أمير المؤمنين عليه السلام، الدين عليها أغلب، ووصايا هؤلاء الدنيا عليها أغلب، فإذا أخذ من أخذ التوفيق بيده بمجموع ذلك فقد سعد، ولا سعيد إلا من أسعده الله.